منذ نحو 25 عاما فقط ظهرت نظرية جديدة عن الذكاء ، هذه النظرية توضح أن الذكاء ليس بالبساطة التي يمثلها اختبار معامل الذكاء التقليدي ، و هي توضح أيضا أن كل إنسان لديه جوانب من الموهبة و التميز ، و عليه لم يعد الناس يصنفون إلى أذكياء و أغبياء .
في الماضي كان المعتقد أن الذكاء هو عامل واحد في الإنسان ، و أنه متوارث ، أما اليوم يعتقد الكثير من العلماء أن الذكاء ينقسم إلى أنواع مختلفة ، و أن هذه الأنواع مستقلة عن بعضها البعض تماما ، و كل نوع من أنواع الذكاء تكون له جوانب قوة و عوامل محددة له مستقلة أيضا عن باقي أنواع الذكاء .
تم تقسيم الذكاء إلى ثمانية أنواع (و البعض يضيف أنواعا أكثر) ، مسئول عن كل منها مراكز معينة في المخ ، و كل إنسان في العالم يكون متميزا في نوع واحد أو في عدة أنواع من الذكاء ، و من عجائب قدرة الله أنه حتى المعاقين ذهنيا قد يتميزوا في أنواع معينة من الذكاء .
الذكاء اللغوي و اللفظي : يتعلق بمهارة استخدام الكلمات ، فيجيد صاحب هذا الذكاء الكتابة ، و القراءة ، و التحدث ، و هي مهارات أساسية لدى الكتاب ، و الشعراء ، و المحامون ، و كل الأعمال التي تتطلب خطابة و تحدث إلى مجموعات من الناس .
الذكاء المنطقي و الرياضي : يتعلق بمهارة حل المسائل الحسابية و المنطقية ، فيجيد أصحابه حل الألغاز ، و معرفة كيفية عمل الأشياء ، و فهم الاكتشافات الجديدة ، كما أنهم عادة يتعلمون استخدام الكمبيوتر بسهولة .
الذكاء الفراغي (المكاني) : يتعلق بالتعامل مع الصور و الأشكال ، فيتذوق صاحبه الفنون التشكيلية و التصوير ، و يحب الرسم ، و يلاحظ التفاصيل الدقيقة ، و يجيد التعامل مع الخرائط و الاتجاهات الجغرافية .
الذكاء الجسدي و الحركي : يتعلق بالمهارات الحركية و الرياضية ، فيجيد أصحابه استخدام أيديهم في تركيب الأشياء ، و يجيدون التسلق ، و لديهم اتزان في الحركة ، و عادة يستطيعون ممارسة رياضات مختلفة .
الذكاء الموسيقي : يتعلق بالموسيقى و الألحان ، فيتذوق صاحبه الموسيقى ، و يتذكر الأغاني القديمة ، و يميز النغمات المختلفة ، و يميز بين أصوات و أساليب قراء القرآن الكريم ، و قد يجيد العزف على الآلات الموسيقية .
الذكاء الاجتماعي : يتعلق بالتعامل مع الناس ، فيكون صاحبه مستمع جيد ، يقرأ ملامح الناس ، يستطيع أن يقدر الناس بشكل صحيح ، يستمتع بالحوار ، يحس بمشاعر من حوله ، و هي مهارات مفيدة للمعلمين ، و رجال المبيعات ، و الدعاة ، و القادة السياسيين .
الذكاء الشخصي (الداخلي) : يتعلق بالقدرة على التحليل ، فيستطيع صاحبه أن يفكر كثيرا و بعمق ، و يكون على دراية بمواطن القوة و الضعف في نفسه ، عادة ما يسجل ملاحظاته ، و يفكر في الحياة بعمق .
الذكاء البيئي : يتعلق بفهم الطبيعة من حوله ، فيستمتع بالمناطق الطبيعية كالصحاري و البحار ، و يقرأ حول الطبيعة ، و يهوى تصنيف و جمع الأشياء كأوراق الشجر و الصدف ، كما يحب دراسة النباتات و الأشجار المحيطة به .
و من عيوب التعليم التقليدي أنه يركز على أول نوعين فقط من الذكاء ، بينما يجب استغلال سنوات التعليم في خلق توازن بين تنمية هذه الأنواع من الذكاء ، و ذلك بزيادة جرعة الفنون ، و الأنشطة اليدوية و الرياضية ، و التدريب على التنمية الذاتية ، و أساليب الاتصال مع الآخرين ، و الإدارة ، و البحث ، و غيرها الكثير ، و غني عن الذكر أن نظامنا التعليمي لا ينمي حتى هذين النوعين الذين يهتم بهما !
و لكن ماذا عنك أنت ؟
هذه النظرية قد تكون معروفة للكثير من الناس ، حيث تم تناولها كثيرا في الفترة الأخيرة ، و لكن هل فكرت كيف تستفيد منها ؟ إن الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها .
الفكرة أنك متميز حتما ، و يجب أن تكتشف مواطن تميزك و تنميها ، و قد تتاح لك الفرصة لتختار عملك و هواياتك وفقا لها ، و حتى بافتراض أن هذا متأخر بالنسبة لسنك أو لوضعك – رغم أنني أشك في هذا – فالأمر مازال متاحا بالنسبة لأبنائك إذا كان لديك أبناء ، أو إذا كنت تعمل في مجال يتيح لك الاختلاط بالأطفال و التأثير فيهم .
إن المهمة الأصعب التي تواجه أمتنا هي بناء الإنسان ، و أية فرصة لتكملة هذا البناء و تجميله هي واجب على كل فرد منا .
إن لكل نوع من أنواع الذكاء المذكورة اختبارات يمكن أن يتحدد بها مستوى أي شخص فيها ، و توجد تدريبات و نشاطات لتنميتها ، و يمكن في حال اكتشاف شخص متفوق في نوع معين أن يتم توجيهه لمجالات عمل يتفوق فيها ، و يحبها .